السيرة الذاتية

25d9258325d825aa25d825a725d825a82b25d825ad25d9258a25d825a725d825aa25d92583

فيما مضى عندما كنت اقرأ أي سيرة ذاتية لشخص ما، سياسي، مفكر أو كاتب، كنت أمر على مثل هذه الأحداث التي عاشها بطلنا مروراً سريعاً. وأظن أننا جميعاً نفعل هذا. مسيرة حياة الرجل الذي نقرأ عنه تبدو لنا حالة دائمة من التقدم، تحقيق الذات، وهذا هو الوهم الذي يتسلل إلينا من قراءة السير الذاتية. حياة الإنسان ليست خطاً يمكننا رسمه من لحظة الولادة إلى لحظة الممات، ومن ثم تعيين نقاط عليه لنقول هذه النقاط التي حقق فيها ذاته.

لكن الواقع، ان حياة الإنسان ليست خطا مستقيما، انها خط متقطع، متعرج، ملتوٍ على ذاته أحياناً، بحيث أننا في حالات كثيرة نكاد ننفي وجود خط من أساسه، ربما نحن نفعل هذا لأننا نظن أن سيرة الإنسان هي ما حدث له، بينما جزء من حياة الإنسان هو ما لم يحدث.

في حالة الكتّاب والادباء مثلاً، لماذا نادراً ما تذكر أعمال الكاتب المجهضة، غير المكتملة؟ أعماله التي مات وتركها في أدراجه؟ لأننا بكل بساطة نحاول أن نقدم سيراً ذاتية تجعل صاحبها يبدو وكأنه كان يعرف ما يفعله في كل لحظة، ويتجه إليه بلا تردد. وهذه سير تحبط قارئها، لأنها تقدم له الشكل النهائي، تقدم له النموذج. بحيث أن قارئها الشاب، الذي بالتأكيد لا يدري أين سيأخذه مساره في الحياة، يشعر بالنقص. يشعر بأن من يقرأ عنهم مختلفون عنه تماماً، مكتملون نوعاً ما، وهو أبداً لن يكون يوما كاملا مثلهم.