العفة والحب

للمطران جورج خضر

هل من صراع بين الجسد والروح؟

عند الرسول لفظتان يونانيتان بمعنى جسد، وهذا سبب لنا التباسا نحن القراء العرب. في الانسان كيان اصلي اساسي ات من الله نفسا وجسدا. الانسان الاصيل غير المشوه هو السوما، اما اللفظة الاخرى وهي ساركس تعني الانسان المشوه الفاسد جسدا وروحا فهي تعني كيان الخطية بالتالي. الانسان كله من حيث تاثير الروح القدس يسمى روح عند الرسول بولس، والانسان كله بوصفه متاثرا بالخطية يسمى جسدا. وعندما نقرا الجسد يشتهي ضد الروح والروح ضد الجسدنعني صراعا بين ادم العتيق وادم الجديد. فاذا كان الجسد في الانسان اصيلا صارت في الاساس كل اعمال الجسد مباركة.

هرطقات احتقرت الجسد:

لذلك حارب القديس اناسا كانوا يمتنعون عن الزواج وعن اطعمة خلقها الله“(1تي4: 1-25). وفي القرن الرابع في مجمع غنغرة حرمت الكنيسة كل من يحرّم الزواج واكل اللحم“. وقد انتشرت هذه الفكرة عن طريق المانوية الاتية من فارس.

الزواج والعفة:

في الزيجة عفة اذا مارس الانسان سنة الطبيعة بكل ما فيها من النتائج واذا كان هناك انفتاح وعطاء. الزواج لا يفتح باب المتعة والراحة، بل باب الصليب وطريق الحد من الانانية ومحبة الذات.

البتولية:

الاباء لم يتكلموا عن العفاف بقدر ما تحدثوا عن البتولية. هذا يفسر جزئيا بان الرهبنة كانت الحدث المهم في القرن الرابع لان الرهبنة كانت بنظرهم الحياة الانجيلية المثلى. لم تكن الرهبنة عندهم مختلفة جوهرا عن الزواج. لقد كتب الرهبان اشياء عميقة عن الزواج لانهم عاشوا ما يرمز اليه الزواج، العرس السمائي.

البتولية هي تمام الانسان، الزواج هو ايضا تمام.. العذراء حققت هذين التمامين واوجدت رباطا بينهما.

محاربة الاهواء:

فكر الله يقودنا الى استعباد الجسد وهذا لا يعني قهره. القمع هو غير قهر الجسد بغير رعاية له. الافراط في الصوم والسهر ناتج اما عن شعورنا بان الجسد دنس او اننا لم نكفر كفاية عن خطايانا (وهذا كفر برحمة الله).

التقشف في الحياة الزوجية:

العلاقة الزوجية تستدعي تقشفا هي ايضا. الخوف فراغ يستدعي الخطية. اما حضرة المسيح وسكينته فتجعلانا نسير فوق المياه، نحارب كمن لا يخشى، لا يخشى الصحراء لانه يعلم ان الصحراء تزدهر. الشاب ولا شك يطلب الحضور الانثوي، والفتاة تجذبها قوة الفتى وكل منهما ينال من الاخر قوة وحياة. الكيان البشري الموحد ليس ذكرا او انثى بل كلاهما. التكامل يتم في الزواج او في البتولية التي فيها يتم الانسان التسامي بغريزته الجنسية.

الحب المسيحي:

في نطاق البحث عن العفة لابد من مواجهة شئون العاطفة والتاكيد انها مدعوة للخضوع لاوامر الله ونواهيه. ترفض المسيحية الحب الافلاطوني المجنح وكذلك الحب الرومانتيكي، ترفض الحب من اجل الحب ، الحب المنطوي. اما الحب الباذل الذي يفيض طهارة، هذا اعطاه لنا ليكون نورا ودفئا. بهذا تتبرر العاطفة ان ينظر الانسان الى الاخر ككائن باطني بالنسبة اليه، يحياه من الداخل كما يحيا نفسه. العطاء تضحية واماتة نفس اما الهوى فلا عطاء ولا تضحية. ان انت اعطيت فانك تاخذ ايضا المروى هو ايضا يروىتاخذ ما يعطيك اياه الطرف الاخر: تبادل.. في الحب الطاهر تعطي بحرية ولا تمتلك، وفي الهوى تنفعل ولا تعطي بل تمتلك.

أضف تعليق